صحتك تبدأ من هنا

صحي1 مدونة عربية متخصصة تساعدك على بناء نمط حياة متوازن، من التغذية الذكية إلى الراحة النفسية واللياقة البدنية، وكل ذلك بأسلوب مبسّط وموثوق يناسب كل أفراد العائلة.

تمارين البيلاتس (Pilates): فوائدها وكيف تختلف عن اليوغا؟

تمارين البيلاتس (Pilates): فوائدها وكيف تختلف عن اليوغا؟

لياقة و راحة:

في خضم عالم اللياقة البدنية الذي يضج بالتمارين عالية الشدة، يبرز نهج أكثر هدوءًا وعمقًا يعد بتناغم فريد بين العقل والجسد. تمارين البيلاتس ليست مجرد مجموعة حركات، بل هي نظام متكامل يعيد تعريف علاقتك بجسدك، ويبني قوة داخلية حقيقية تنعكس على كل جانب من جوانب حياتك.

 إنها دعوة لاكتشاف القوة الكامنة في مركزك، وتحقيق التوازن والسكينة في عالم سريع الإيقاع. فهل أنت مستعد لهذه الرحلة التحويلية؟

تمارين البيلاتس (Pilates): فوائدها وكيف تختلف عن اليوغا؟
تمارين البيلاتس (Pilates): فوائدها وكيف تختلف عن اليوغا؟


أ/ ما هي رياضة البيلاتس؟ رحلة إلى جوهر القوة والتحكم:

لفهم رياضة البيلاتس، يجب أن نعود إلى جذورها التي لا تنبع من صالات الألعاب الرياضية الحديثة، بل من الحاجة الماسة لإعادة بناء الجسم وتقويته من الداخل إلى الخارج.

 وُلد هذا النظام من رحم التجربة والابتكار على يد الألماني جوزيف بيلاتس، الذي طور أسلوبه في أوائل. هل تريد أن أضعها في جملة كاملة لتصبح أكثر سلاسة في السياق؟

 كانت البداية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث عمل بيلاتس على إعادة تأهيل الجنود المصابين، مستخدمًا ما لديه من موارد محدودة لابتكار تمارين تعيد إليهم قوتهم وحركتهم.

كماأن هذا الأصل العلاجي هو سر فعالية البيلاتس، فهو لم يُصمم لأهداف جمالية بحتة، بل كنظام "حركة ترميمية" يهدف إلى تصحيح اختلالات الجسم، وتقوية العضلات العميقة، واستعادة الوظائف الحركية السليمة.  

تعتمد فلسفة البيلاتس على ستة مبادئ أساسية تعمل معًا بتناغم كنظام متكامل، وهي التي تميز كل حركة وتمرين وتجعلها أكثر من مجرد تمرين بدني:

  • التمركز (Centering) : كل حركة في البيلاتس تنبع من "مركز القوة" أو الـ "Powerhouse"، وهي المنطقة التي تشمل عضلات البطن العميقة، أسفل الظهر، الوركين، والأرداف. هذا المبدأ هو المرساة الجسدية التي توفر الاستقرار والدعم لكامل الجسم.  
  • التركيز (Concentration) : تتطلب كل حركة اهتمامًا ذهنيًا كاملاً، مما يخلق رابطًا قويًا بين العقل والجسم. هذا التركيز ليس مجرد انتباه عابر، بل هو وعي عميق بكيفية تحرك كل عضلة، مما يعزز التحكم والفعالية.  
  • التحكم (Control) : تؤكد البيلاتس على جودة الحركة وليس كميتها. يتم تنفيذ كل تمرين ببطء ودقة، مع تحكم كامل في العضلات، مما يقلل بشكل كبير من خطر الإصابات الشائعة في التمارين الأخرى.  
  • الدقة (Precision) : لكل تمرين هدف ومسار حركة محدد. الدقة في الأداء تضمن استهداف العضلات الصحيحة وتحقيق أقصى استفادة من كل حركة.  
  • التنفس (Breath) : التنفس هو محرك الحياة في البيلاتس. يساعد التنفس العميق والمنسق مع الحركة على إمداد العضلات بالأكسجين، تنشيط الجسم، وتسهيل أداء التمارين بسلاسة.  
  • التدفق (Flow) : تم تصميم التمارين لتنساب بسلاسة من حركة إلى أخرى، مما يخلق تجربة تمرين ديناميكية ومستمرة تشبه.

ب/ باقة من الفوائد: طرق ممارسة البيلاتس لتحسين صحتك الجسدية والنفسية:

تتجاوز فوائد البيلاتس مجرد الحصول على جسم رشيق؛ إنها تقدم تحولًا شاملاً يؤثر على صحتك الجسدية والنفسية، وتعتبر علاجًا فعالًا للكثير من المشاكل الناتجة عن نمط الحياة العصري المليء بالجلوس الطويل والتوتر.

التحول الجسدي: بناء جسم قوي ومتوازن ومرن

الأساس: تقوية عضلات الجذع (الكور): هذا هو حجر الزاوية في البيلاتس. تستهدف التمارين العضلات البطنية العميقة، عضلات قاع الحوض، وعضلات الظهر، لتكوّن ما يشبه "مشدًا طبيعيًا" يدعم العمود الفقري ويحميه. هذا الدعم الداخلي هو ما يمنح الجسم قوته الحقيقية.  

النتيجة الأولى: تحسين القوام وتخفيف آلام الظهر: مع وجود جذع قوي، يصبح العمود الفقري مدعومًا ومستقيمًا بشكل طبيعي.

هذا يؤدي مباشرة إلى تحسين القوام وتصحيح الاختلالات الوضعية مثل انحناء الأكتاف. ونتيجة لذلك، تعتبر البيلاتس من أكثر التمارين فعالية في تخفيف آلام أسفل الظهر المزمنة، والتي غالبًا ما تنجم عن ضعف عضلات الجذع.  

النتيجة الثانية: زيادة المرونة والحركة: تدمج البيلاتس بين تمارين القوة والإطالة في كل حركة، مما يعزز "الحركية" (Mobility) وهي القدرة على تحريك المفاصل بكامل نطاقها بقوة وتحكم، وليس مجرد "المرونة" (Flexibility) السلبية. هذا يجعل الحركات اليومية مثل الانحناء والالتفاف أسهل وأكثر أمانًا.  

النتيجة الثالثة: الوقاية من الإصابات: من خلال تصحيح الاختلالات العضلية وتقوية العضلات المثبتة حول المفاصل، تجعل البيلاتس الجسم أقل عرضة للإصابات، سواء في الأنشطة الرياضية الأخرى أو في الحياة اليومية.  

فوائد إضافية: طبيعة البيلاتس منخفضة التأثير تجعلها آمنة ولطيفة على المفاصل، مما يناسب جميع الأعمار ومستويات اللياقة، كما أنها تساعد في بناء عضلات طويلة ومتناسقة، وتعتبر آمنة ومفيدة لدعم الجسم خلال فترة الحمل بعد استشارة الطبيب  .

الارتقاء النفسي والعاطفي: أكثر من مجرد تمرين:

لا يقتصر تأثير البيلاتس على العضلات والعظام، بل يمتد عميقًا ليلامس حالتك الذهنية والنفسية:

زيادة الوعي الجسدي: التركيز الشديد المطلوب في كل حركة يعزز الإحساس العميق بالجسم (Proprioception)، مما يجعلك أكثر وعيًا بوضعيتك وحركتك وإشارات الألم أو الراحة التي يرسلها جسدك.  

تقليل التوتر: يساهم التركيز على التنفس المتحكم فيه في تنظيم الجهاز العصبي، مما يساعد على خفض مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول) وإخراج الجسم من حالة "الكر والفر" المستمرة التي يفرضها ضغط الحياة.  

اقرا ايضا : الجري للمبتدئين: دليل شامل لبدء الجري بأمان وتحقيق أهدافك

زيادة الطاقة: على عكس التمارين المجهدة التي تستنزف طاقتك، غالبًا ما تمنحك جلسة البيلاتس شعورًا بالنشاط والحيوية، بفضل تحسين الدورة الدموية وتدفق الأكسجين في الجسم.  

تحسين المزاج: كغيرها من أشكال الرياضة، تحفز البيلاتس إفراز الإندورفينات، وهي "هرمونات السعادة"، مما يساهم في الشعور بالراحة والرضا.  

ج/ البيلاتس أم اليوغا: أيهما الخيار الأمثل لرحلتك الصحية؟

كثيرًا ما يُطرح هذا السؤال، وعلى الرغم من أن كلتا الممارستين تركزان على الاتصال بين العقل والجسم، إلا أنهما تختلفان في جذورهما وأهدافهما وأسلوبهما. فهم هذه الفروقات سيساعدك على اختيار ما يناسبك، أو حتى دمجهما معًا لتحقيق أقصى فائدة.

جذور مختلفة وأهداف متباينة:

يكمن الاختلاف الجوهري في فلسفة كل منهما. البيلاتس هي نظام حديث نسبيًا، وُلد من رحم علم الحركة وإعادة التأهيل البدني.

إن هدفها الأساسي هو تحقيق التحكم الجسدي، بناء قوة أساسية هائلة، وتحسين استقرار الجسم ومحاذاته بدقة متناهية. إنها بمثابة "هندسة جسدية" تهدف إلى بناء جسم يعمل بكفاءة مثالية.  

أما اليوغا، فهي ممارسة روحانية قديمة نشأت في الهند منذ آلاف السنين. هدفها يتجاوز الجسد ليصل إلى الاتحاد بين العقل والجسد والروح. تسعى اليوغا إلى تحقيق السلام الداخلي والنمو الروحي من خلال الأوضاع الجسدية (Asanas)، وتقنيات التنفس (Pranayama)، والتأمل.

تجربة الحركة والتنفس:

ينعكس هذا الاختلاف الفلسفي على طبيعة التمارين. في البيلاتس، غالبًا ما تكون الحركات ديناميكية وتعتمد على تكرارات محكومة.

كما يتم تثبيت الجذع بقوة بينما تتحرك الأطراف لتحدي هذا الثبات. التنفس المستخدم عادةً هو التنفس الصدري (القفص الصدري)، للحفاظ على انقباض عضلات البطن طوال التمرين.  

في اليوغا، غالبًا ما يتم الثبات في وضعيات ثابتة لفترات من الزمن، أو الانتقال بسلاسة بينها في تسلسل متدفق (Vinyasa). تقنيات التنفس في اليوغا أكثر تنوعًا، وغالبًا ما تركز على التنفس البطني العميق الذي يهدف إلى تهدئة الجهاز العصبي وتحقيق حالة من الاسترخاء.

دور المعدات:

يمكن ممارسة كل من البيلاتس واليوغا على بساط التمرين باستخدام وزن الجسم فقط. لكن البيلاتس تشتهر بمعداتها المتخصصة مثل جهاز "الريفورمر" (Reformer) والـ "كاديلاك"، التي تستخدم نوابض مقاومة لتحدي العضلات أو مساعدتها، مما يضيف بُعدًا جديدًا للتمارين.

بينما تعتمد اليوغا بشكل أساسي على وزن الجسم. الأدوات المستخدمة مثل المكعبات والأحزمة والوسائد هي أدوات مساعدة تهدف إلى دعم الجسم وتسهيل الوصول إلى الوضعيات الصحيحة، وليس إضافة مقاومة.  

في النهاية، لا يجب النظر إليهما كمنافسين، بل كشريكين متكاملين. قوة الجذع الهائلة التي تبنيها البيلاتس توفر أساسًا متينًا وآمنًا لممارسة تمثل وضعيات اليوغا المتقدمة مصدرًا للمرونة العميقة والهدوء الذهني، وهما عنصران يمكن أن يحسّنا بشكل كبير من جودة وكفاءة أداء تمارين البيلاتس.

د/ انطلق بقوة: دليلك العملي لبدء تمارين البيلاتس في المنزل:

جهز نفسك للنجاح: خطواتك الأولى:

لضمان بداية آمنة وممتعة، اتبع هذه النصائح الأساسية:

الجودة قبل الكمية: هذه هي القاعدة الذهبية في البيلاتس. التركيز على أداء حركة واحدة بشكل صحيح ومتقن أفضل بكثير من أداء عشر حركات سريعة وغير دقيقة.

استمع إلى جسدك: تم تصميم البيلاتس لتعمل مع جسدك، وليس ضده. تجنب الدفع نحو الشعور بالألم. إذا شعرت بأي إزعاج، عدّل الحركة أو توقف.

الاتساق هو المفتاح: لتحقيق نتائج ملموسة، استهدف ممارسة البيلاتس مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع. الصبر والمواظبة سيؤتيان ثمارهما.

اختر البساط المناسب: ستحتاج إلى بساط تمرين. يُفضل أن يكون أكثر سماكة من بساط اليوغا التقليدي لتوفير توسيد كافٍ لعمودك الفقري أثناء التمارين التي تتضمن التدحرج.

فكر في الاستعانة بمدرب: على الرغم من سهولة البدء في المنزل، إلا أن دقة حركات البيلاتس تتطلب توجيهًا في البداية. حضور بضع حصص مع مدرب معتمد (شخصيًا أو عبر الإنترنت) يمكن أن يمنحك أساسًا قويًا من التقنية الصحيحة لتجنب الأخطاء الشائعة.

تمارين أساسية للمبتدئين في المنزل:

يمكنك البدء بهذه التمارين الأساسية التي لا تتطلب أي معدات وتستهدف المبادئ الرئيسية للبيلاتس:

  1. تمرين المائة (The Hundred):
    • الهدف: إحماء الجسم، تقوية عضلات البطن، وتنسيق التنفس مع الحركة.
    • الطريقة: استلقِ على ظهرك مع ثني الركبتين ووضع القدمين على الأرض. ارفع رأسك وكتفيك عن الأرض. مد ذراعيك بشكل مستقيم بجانب جسمك.
    •  ابدأ بضخ ذراعيك لأعلى ولأسفل بحركة سريعة وقصيرة، مع أخذ شهيق لخمس عدات وزفير لخمس عدات. كرر هذه الدورة التنفسية 10 مرات لتصل إلى 100 عدة.  
  2. تمرين الدائرة بساق واحدة (One-Leg Circle):
    • الهدف: تحسين حركة مفصل الورك وتعزيز ثبات الجذع.
    • الطريقة: استلقِ على ظهرك مع تمديد ساق واحدة على الأرض والأخرى ممدودة نحو السقف. حافظ على ثبات حوضك تمامًا على الأرض، وابدأ برسم دوائر صغيرة في الهواء بالساق المرفوعة.
  3. تمرين التقاطع (Criss-Cross):
    • الهدف: استهداف عضلات البطن المائلة وتقوية مركز الجسم.
    • الطريقة: استلقِ على ظهرك وضع يديك خلف رأسك مع رفع الرأس والكتفين. اثنِ ركبتيك نحو صدرك. ابدأ بلف جذعك لجلب كتفك الأيمن نحو ركبتك اليسرى، بينما تمد ساقك اليمنى بشكل مستقيم. بدل بين الجانبين بحركة بطيئة ومتحكم بها.  
  4. تمرين الجسر (Pelvic Curl / Bridge):
    • الهدف: تقوية عضلات الأرداف وأوتار الركبة وزيادة مرونة العمود الفقري.
    • الطريقة: استلقِ على ظهرك مع ثني الركبتين والقدمين مسطحتين على الأرض بعرض الوركين. عند الزفير، ابدأ برفع حوضك عن الأرض ببطء، فقرة بفقرة، حتى يشكل جسمك خطًا مستقيمًا من كتفيك إلى ركبتيك. خذ شهيقًا في الأعلى، ثم انزل ببطء عند الزفير.  

هـ/ وفي الختام: استثمر في صحتك، اكتشف قوتك

إن تبني تمارين البيلاتس هو أكثر من مجرد إضافة روتين رياضي جديد إلى جدولك؛ إنه قرار بالاستثمار في أغلى ما تملك: صحتك وراحتك.

 إنها رحلة لإعادة اكتشاف قدرات جسدك، وبناء قوة لا تظهر في شكل العضلات فحسب، بل في طريقة وقوفك، وحركتك، وحتى في شعورك بالثقة والهدوء الداخلي. كل جلسة هي فرصة للتواصل مع ذاتك، لتصبح أقوى وأكثر توازنًا ووعيًا.

 لا تنتظر اللحظة المثالية، فاللحظة المثالية هي الآن. ابدأ بخطوة صغيرة، بحركة واحدة متقنة، وشاهد كيف يمكن لهذا النظام العميق أن يغير حياتك للأفضل.

هل أنت مستعد لاكتشاف "مركز القوة" الخاص بك؟ شاركنا أفكارك أو أسئلتك حول البدء في رحلة البيلاتس في التعليقات أدناه!
اقرأ ايضا : 
هل لديك استفسار أو رأي؟

 اقرأ ايضا : أهمية أيام الراحة في برنامجك التدريبي: لماذا تحتاج عضلاتك إلى التعافي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة.


أحدث أقدم

منصة دوراتك استخدم كود وطن واحصل على خصم اضافي35% بمناسبة اليوم الوطني صالح حتى نهاية سبتمبر

نموذج الاتصال