صحتك تبدأ من هنا

صحي1 مدونة عربية متخصصة تساعدك على بناء نمط حياة متوازن، من التغذية الذكية إلى الراحة النفسية واللياقة البدنية، وكل ذلك بأسلوب مبسّط وموثوق يناسب كل أفراد العائلة.

كيف يؤثر التوتر على عاداتك الغذائية وكيف تتغلب على الأكل العاطفي؟

كيف يؤثر التوتر على عاداتك الغذائية وكيف تتغلب على الأكل العاطفي؟

غذاؤك شفاءك:

تأثير التوتر على الوزن:

هل وجدت نفسك يوماً تفتح الثلاجة دون شعور حقيقي بالجوع، فقط لتخفيف ضغط يوم مرهق؟ في هذا السلوك، يكمن رابط خفي ومعقد بين حالتك النفسية وعاداتك الغذائية.

 إنها ليست مجرد مسألة ضعف إرادة، بل استجابة فسيولوجية عميقة يطلقها الجسم لمواجهة الضغوط. يكشف هذا المقال عن الآليات البيولوجية والنفسية وراء هذه الظاهرة، ويقدم لك دليلاً شاملاً لفهم تأثير التوتر على الوزن وتقديم إستراتيجيات عملية للتغلب على الأكل العاطفي وبناء علاقة أكثر صحة وتوازناً مع الطعام.

كيف يؤثر التوتر على عاداتك الغذائية وكيف تتغلب على الأكل العاطفي؟
كيف يؤثر التوتر على عاداتك الغذائية وكيف تتغلب على الأكل العاطفي؟

أ/الرابط الخفي: كيف يؤثر التوتر على عاداتك الغذائية؟

تتجاوز العلاقة بين التوتر والطعام مجرد كونه عادة نفسية، لتصبح تفاعلاً كيميائياً وبيولوجياً معقداً داخل الجسم. عند التعرض للتوتر، يمر الجسم بسلسلة من التغيرات الهرمونية التي تؤثر بشكل مباشر على شهيتك.

 في البداية، ومع الشعور بالخطر أو الضغط، يفرز الدماغ هرمون "الهورمون المطلق لموجهة القشرة" وهرمون الإبينفرين (الأدرينالين)، وهي هرمونات تهدف إلى إعداد الجسم لرد فعل سريع لمواجهة الخطر.

إن هذه الهرمونات تعمل على كبح الشهية مؤقتاً، وتؤدي إلى تغيرات فسيولوجية مثل زيادة معدل ضربات القلب وسرعة التنفس، مما يقلل الرغبة في الأكل.  

ولكن، إذا استمر التوتر وتحول إلى حالة مزمنة، فإن الآلية تتغير تماماً. ينتج الجسم هرمون الكورتيزول، الذي يُعد الهرمون الأهم في تنظيم استجابة الجسم للتوتر والإجهاد المستمر على المدى الطويل يعمل  

الكورتيزول على زيادة الشهية بشكل عام، وخصوصاً الرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات. هذه الأطعمة توفر شعوراً سريعاً ومؤقتاً بالراحة، مما يدفع الشخص إلى اللجوء إليها مراراً وتكراراً كوسيلة للهروب من المشاعر السلبية.

 ومع ذلك، فإن هذه الراحة الزائفة لا تعالج السبب الجذري للتوتر، بل قد تؤدي إلى زيادة الوزن والشعور بالذنب، مما يضيف ضغطاً نفسياً جديداً ويُعمق حلقة الأكل بسبب التوتر، ويجعل من الصعب جداً كسرها.  

ب/جوع العقل أم حاجة الجسد؟ الفرق بين الجوع العاطفي والجوع الجسدي:

إن الخطوة الأولى نحو علاج الأكل العاطفي هي القدرة على التمييز الواضح بين نوعي الجوع. فالجوع ليس شعوراً واحداً، بل له دوافع مختلفة تماماً.

الجوع الجسدي: حاجة الجسم الحقيقية للطعام:

الجوع الجسدي هو الدافع البيولوجي الطبيعي لتناول الطعام، وهو ناتج عن حاجة الجسم الحقيقية إلى الطاقة والعناصر الغذائية. يتميز هذا النوع من الجوع بالخصائص التالية :  

تدرج الشعور: يظهر الجوع بشكل تدريجي، وليس فجأة.

اقرأ ايضا : النظام الغذائي النباتي: هل هو مناسب لك؟ وما هي فوائده وتحدياته؟

إشارات جسدية واضحة: يصاحبه علامات ملموسة مثل قرقرة المعدة، انخفاض مستويات الطاقة، الشعور بالخمول أو الدوار، أو صعوبة في التركيز.

المرونة في الاختيار: يمكن إشباعه بأي نوع من الطعام المتوفر، حيث لا يكون محدداً برغبة في أكلة معينة.

الرضا بعد الأكل: ينتهي الشعور بالجوع عند الشعور بالامتلاء، ويترك شعوراً بالرضا دون أي إحساس بالذنب.

الجوع العاطفي: تناول الطعام للتخفيف من المشاعر:

أما الجوع العاطفي، فينشأ من المشاعر وليس من الاحتياجات الجسدية. إنه تناول الطعام كوسيلة للتعامل مع المشاعر السلبية مثل التوتر، الملل، الحزن، أو حتى السعادة المفرطة. يميز هذا النوع نفسه عن الجوع الجسدي من خلال عدد من الفروق الجوهرية :  

الظهور المفاجئ: يهاجم فجأة وبقوة، دون أي سابق إنذار.

الرغبة المحددة: غالباً ما يكون محدداً بنوع معين من "أطعمة الراحة" مثل الحلويات، الشوكولاتة، أو الوجبات السريعة.

فقدان السيطرة: يؤدي غالباً إلى الأكل غير الواعي أو الإفراط في تناول الطعام، ولا يكتفي الشخص بكمية محددة.

الندم والذنب: يترك شعوراً بالذنب والندم بعد الانتهاء من الأكل، وهو ما لا يحدث مع الجوع الجسدي.

فهم هذا الاختلاف الجوهري يُعد المفتاح الأول للتغلب على الأكل العاطفي، إذ يزوّدك بالوعي الكافي لاتخاذ قرار مدروس عوضاً عن الانسياق وراء ردود الأفعال العاطفية التلقائية.  

ج/علاج الأكل العاطفي: إستراتيجيات عملية لمواجهة التحدي:

بمجرد أن تتمكن من فهم الفرق بين الجوع العاطفي والجسدي، يمكنك البدء في تطبيق استراتيجيات فعالة للتغلب على هذا السلوك. هذه الإستراتيجيات ترتكز على الوعي الذاتي، وتغيير العادات، وبناء شبكة دعم قوية.

إدارة الوعي الذاتي وتحديد المحفزات:

الخطوة الأولى هي أن تصبح محققاً في سلوكياتك الغذائية. احتفظ بـمفكرة غذائية لمدة أسبوع أو أسبوعين، ودون فيها ماذا تأكل، ومتى، والكمية، والأهم من ذلك، كيف كنت تشعر أثناء الأكل ومدى جوعك. مع مرور الوقت، ستلاحظ أنماطاً تكشف العلاقة بين مزاجك وبين رغبتك في الطعام.

كذلك عندما تهاجمك رغبة مفاجئة في الأكل، توقف للحظة واسأل نفسك: "هل أنا جائع حقاً، أم أنني أشعر بالملل أو القلق؟" امنح نفسك بضع دقائق قبل الاستجابة لهذه الرغبة، فقد تجد أنها تزول من تلقاء نفسها.  

ممارسة الأكل اليقظ Mindful Eating)):

يُعد الأكل اليقظ من أقوى الأدوات للتغلب على الجوع العاطفي لأنه يعيد ربطك بالطعام بطريقة واعية ومدركة. هذا الأسلوب ليس حمية، بل هو تدريب ذهني يركز على الحواس الخمس أثناء تناول الطعام.

للبدء به، اجلس على الطاولة بعيداً عن أي مشتتات مثل التلفاز أو الهاتف. ركز على ملمس الطعام في يدك، وعلى رائحته، وعلى ألوانه. عند المضغ، انتبه إلى القوام والنكهات المتعددة.

كذلك راقب شعورك بالشبع، وتوقف عن الأكل عند الوصول إلى حد الاكتفاء والرضا دون المبالغة حتى الامتلاء الزائد. هذه الممارسة تقطع حلقة الأكل غير الواعي وتجعلك أكثر وعياً باحتياجات جسمك الفعلية.  

استبدال العادات والبحث عن بدائل صحية:

بدلاً من اللجوء إلى الطعام للتعامل مع المشاعر، ابحث عن بدائل صحية وممتعة. عندما تشعر بالملل أو التوتر، قم بنشاط آخر يصرف انتباهك ويحسن مزاجك.

كما يمكنك المشي، أو ممارسة رياضة خفيفة مثل اليوجا أو التأمل، أو الاتصال بصديق تثق به وتتحدث معه عن مشاعرك، أو قراءة كتاب، أو ممارسة هواية مفضلة.

 إن وجود قائمة من "الأنشطة البديلة" في متناول اليد يمنحك خيارات حقيقية وسريعة بدلاً من الاستسلام لعادة الأكل، كما أن التخلص من الأطعمة المغرية من منزلك يقلل من احتمالية اللجوء إليها في لحظات الضعف.  

د/ تغذية توازنك: الغذاء كحليف لا كعدو:

للسيطرة على الأكل العاطفي، يجب أن يتغير منظورك عن الطعام من كونه وسيلة للهروب إلى كونه حليفاً يدعم صحتك الجسدية والنفسية. هناك أطعمة يمكن أن تساعد جسمك على إدارة التوتر بشكل أفضل، بينما يجب تجنب أطعمة أخرى لأنها تزيد من القلق والاضطراب.

أطعمة لمحاربة التوتر:

الدهون الصحية: الأطعمة الغنية بالدهون غير المشبعة مثل زيت الزيتون، المكسرات (خاصة اللوز والجوز)، والأسماك الدهنية كالسلمون، تساعد في خفض مستويات هرمون الكورتيزول وتحسين المزاج.  

الكربوهيدرات المعقدة: تناول الحبوب الكاملة مثل الخبز الأسمر، الأرز البني، والشوفان يمد الجسم بطاقة مستقرة لفترة طويلة، مما يمنع تذبذب مستويات السكر في الدم الذي قد يزيد من إفراز هرمونات التوتر.  

الفواكه والخضروات: الأنواع الغنية بفيتامين ج كالفراولة والحمضيات تُسهم في تعزيز إنتاج هرمون السيروتونين المسؤول عن تحسين المزاج والشعور بالسعادة.  

الأعشاب المهدئة: تناول مشروبات الأعشاب كالنعناع والبابونج يساهم في تهدئة الأعصاب، والتخفيف من التوتر، وتعزيز الإحساس بالراحة والاسترخاء.  

أطعمة ينبغي تجنبها:

الكافيين والسكريات البسيطة: الإفراط في تناول القهوة، الشاي، مشروبات الطاقة، والأطعمة الغنية بالسكريات البسيطة يمكن أن يزيد من القلق والتوتر، حيث يسبب تذبذباً حاداً في مستويات السكر في الدم وإفراز هرمونات التوتر.  

المضافات الغذائية والملح المكرر: الأطعمة المصنعة التي تحتوي على مواد حافظة وملح مكرر قد تزيد من فرص الإصابة بالقلق والتوتر وتؤثر سلباً على وظائف الجهاز العصبي.  

هـ/ وفي الختام: رحلة التغيير تبدأ بخطوة:

 لا يمثل الأكل العاطفي مجرد عادة سيئة، بل هو انعكاس لاستجابة أجسادنا وعقولنا للضغوط اليومية. إن فهم العلاقة المعقدة بين التوتر والأكل، والقدرة على التمييز بين الجوع العاطفي والجسدي، يمثلان الخطوة الأولى على طريق علاج الأكل العاطفي.

تذكر أن رحلة التغيير لا تتطلب الكمال، بل تتطلب الوعي والإصرار. لا تستسلم للانتكاسات، بل اعتبرها فرصة للتعلم والتجديد. أنت تملك القدرة على كسر هذه الحلقة المفرغة وبناء علاقة صحية ومستدامة مع طعامك. هل أنت مستعد لاتخاذ هذه الخطوة؟ شاركنا في التعليقات: ما هي أول خطوة ستتخذها اليوم للتعامل مع التوتر بشكل أفضل؟

اقرأ ايضا : ست وجبات خفيفة صحية تشبع جوعك بين الوجبات الرئيسية.

هل لديك استفسار أو رأي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! يمكنك إرسال ملاحظاتك أو أسئلتك عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال البريد الإلكتروني الخاص بنا، وسنكون سعداء بالرد عليك في أقرب وقت.

أحدث أقدم

منصة دوراتك استخدم كود وطن واحصل على خصم اضافي35% بمناسبة اليوم الوطني صالح حتى نهاية سبتمبر

نموذج الاتصال