صحي1 هو موقع عربي متخصص يقدّم محتوى موثوقًا وعلميًا في مجالات التغذية، اللياقة البدنية، جودة النوم، و الصحة الذهنية. نهدف إلى تمكين القارئ من اعتماد نمط حياة صحي ومتوازن بعيدًا عن التهويل أو التعقيد، وذلك من خلال مقالات مبسطة مبنية على أسس علمية واضحة. نركز على تقديم نصائح عملية قابلة للتطبيق، تُسهم في تحسين جودة الحياة اليومية للفرد العربي. يعمل على الموقع فريق من الكتّاب والمهتمين بالشأن الصحي، الذين يقدّمون محتوى متجددًا ومفيدًا بأسلوب سهل، يعزز الوعي ويرتقي بالسلوكيات الصحية.

الكوابيس والذعر الليلي: الأسباب وكيفية التعامل معها عند الكبار والأطفال

الكوابيس والذعر الليلي: الأسباب وكيفية التعامل معها عند الكبار والأطفال

نومك حياة:

هل يسرق الخوف نومك؟

هل سبق لك أن استيقظت فزعًا في منتصف الليل، وقلبك يخفق بشدة، تتساءل عما إذا كان ما مررت به حقيقة أم مجرد حلم؟ إن هذه التجربة المزعجة، سواء كانت كوابيس أو نوبات ذعر ليلي، شائعة وتؤثر بعمق على جودة نومنا وحياتنا اليومية. فكثيرون يعانون من هذه الظواهر الليلية التي يمكن أن تتركهم منهكين وقلقين خلال النهار، مما يعيق تركيزهم وأداءهم. تهدف هذه المقالة إلى إزالة الغموض عن هذه التجارب الليلية المقلِقة، من خلال استكشاف  

أسباب حدوثها وتقديم إرشادات عملية حول كيفية التعامل معها بفعالية عند الكبار والأطفال، لضمان ليالٍ أكثر هدوءًا ونومًا أكثر سلامًا.

الكوابيس والذعر الليلي الأسباب وكيفية التعامل معها عند الكبار والأطفال
الكوابيس والذعر الليلي الأسباب وكيفية التعامل معها عند الكبار والأطفال


أ / الكوابيس والذعر الليلي: فهم الفروقات الجوهرية:

يخلط الكثيرون بين الكوابيس والذعر الليلي، لكنهما يختلفان جوهريًا في طبيعتهما وكيفية التعامل معهما. فهم هذه الفروقات ضروري لاتخاذ الإجراءات الصحيحة والآمنة عند حدوث أي منهما.  

الكوابيس (Nightmares)

الكوابيس أحلام مزعجة وحية، مصحوبة بمشاعر سلبية كالقلق والخوف. غالبًا ما تتضمن تهديدات شخصية. تؤدي إلى استيقاظ الشخص مع تذكر واضح لتفاصيل الحلم، وقد يجد صعوبة في العودة للنوم. تحدث في مرحلة  

نوم حركة العين السريعة (REM)، وهي شائعة لدى الأطفال والبالغين.  

الذعر الليلي (Night Terrors)

على عكس الكوابيس، الذعر الليلي حلقات من الصراخ والخوف والحركة العنيفة تحدث أثناء النوم الجزئي. يبدو الشخص مستيقظًا لكنه غير واعٍ ولا يستجيب بسهولة، ومحاولة إيقاظه قد تزيد ارتباكه أو عدوانيته. تحدث في مرحلة  

النوم غير السريع (NREM)، غالبًا في الساعات الأولى من الليل. الأفراد  

لا يتذكرون النوبة عند الاستيقاظ، وقد يشعرون بالتعب. أكثر شيوعًا لدى الأطفال (من عمر 1.5 سنة)، وتتلاشى غالبًا بحلول المراهقة، وهي جزء طبيعي من تطور الدماغ.  

ملخص الفروقات الجوهرية

يمكن تلخيص الفروقات الرئيسية بين الكوابيس والذعر الليلي في النقاط التالية:

تحدث الكوابيس عادة خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، أما نوبات الذعر الليلي فتقع في مرحلة النوم العميق غير السريع (NREM).  

تذكر الأحداث: يمكن تذكر الكوابيس بوضوح عند الاستيقاظ، في حين أن نوبات الذعر الليلي لا تُتذكر عادة.  

وقت الحدوث: يمكن أن تحدث الكوابيس في أي وقت خلال النوم، بينما تحدث نوبات الذعر الليلي غالبًا في الساعات الأولى من النوم.  

عند حدوث الكابوس، يستيقظ الشخص مدركًا لما رآه، أما في الذعر الليلي فيكون مستثارًا جزئيًا ويصعب إيقاظه بسهولة.  

الفئة الأكثر عرضة: تصيب الكوابيس جميع الأعمار، بينما الذعر الليلي أكثر شيوعًا لدى الأطفال.  

ب/ الأسباب الكامنة وراء الكوابيس والذعر الليلي:

تتعدد العوامل المسببة للكوابيس والذعر الليلي، وكثير منها يتداخل، مما يؤكد ترابط صحة النوم بالصحة العامة. فهم هذه الأسباب ضروري للتعامل الفعال.

محفزات مشتركة لكلا الحالتين

توجد عدة عوامل مشتركة تزيد من احتمالية حدوث كل من الكوابيس والذعر الليلي:

التوتر والقلق: ضغوط الحياة اليومية والتغييرات الكبيرة، والقلق العام.  

قلة النوم، اضطراب مواعيده، أو النوم المتقطع قد تؤدي إلى إجهاد حاد يُحفّز الكوابيس أو الذعر الليلي.  

تؤثر بعض الأدوية كالمهدئات، مضادات الاكتئاب، أو حتى الميلاتونين على طبيعة النوم، وقد تزيد من احتمالية النوبات.  

اضطرابات النوم الأخرى: انقطاع النفس النومي ومتلازمة تململ الساقين.  

الاضطرابات المزاجية والصحة النفسية: الاكتئاب، القلق، والاضطرابات المزاجية الأخرى.  

الحمى والمرض: الحمى والأمراض الجسدية.  

هذا التداخل في الأسباب يشير إلى أن هذه الاضطرابات غالبًا ما تكون مؤشرًا على اختلالات أوسع في الصحة الجسدية أو النفسية، وتتطلب نهجًا شاملًا في العلاج.

أسباب خاصة بالكوابيس

بالإضافة إلى المحفزات المشتركة، هناك عوامل معينة ترتبط بشكل خاص بالكوابيس:

الإصابات والصدمات: الأحداث المؤلمة كالحوادث والاعتداءات، وشائعة لدى المصابين باضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD).  

المحتوى المخيف: مشاهدة أفلام الرعب أو قراءة كتب مخيفة، خاصة قبل النوم، وتأثيرها على الأطفال.  

إدمان المواد المخدرة والكحول أو الامتناع عنها: تعاطي الكحول والمخدرات أو الانسحاب منها.  

الاحتياجات النفسية الملحة وغير الملباة: احتياجات نفسية غير معالجة.  

التعرض للإلكترونيات: التعرض الطويل للشاشات قبل النوم، فالضوء الأزرق يقلل الميلاتونين ويؤثر على جودة النوم.  

حالات طبية معينة: حالات طبية مثل الصرع وباركنسون والزهايمر.  

أسباب خاصة بالذعر الليلي

تتضمن الأسباب الخاصة بالذعر الليلي ما يلي:

يلعب العامل الوراثي دورًا ملحوظًا، خصوصًا إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من الذعر الليلي أو يمشي أثناء النوم.  

خلل في عمل الدماغ: خلل في عمل الدماغ.  

اضطرابات مواعيد النوم أو السفر: اضطراب جدول النوم أو السفر.  

الضغط النفسي الشديد: الضغط النفسي الشديد أو طويل الأمد.  

الأسباب عند الأطفال مقابل الكبار

تختلف طبيعة المحفزات أحيانًا بين الأطفال والكبار:

قد تنجم كوابيس الأطفال عن مشاعر الانفصال، الخوف من الوحوش، ضغوط المدرسة، أو أحداث مزعجة تعرضوا لها.  

الذعر الليلي عند الكبار: ترتبط بمشاكل نفسية كالاكتئاب والقلق، أو تعاطي الكحول.  

ج / استراتيجيات فعالة للتعامل مع الكوابيس:

يتطلب التعامل مع الكوابيس نهجًا يجمع بين التهدئة الفورية وتدابير وقائية لتحسين جودة النوم.

التعامل الفوري عند الاستيقاظ من كابوس

عندما يستيقظ شخص، خاصة طفل، من كابوس، فإن الاستجابة الفورية يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا:

طمأنة النفس أو الطفل: طمأنة الشخص (خاصة الطفل) بأن ما حدث مجرد حلم، واحتضانه بلطف وتأكيد الأمان.  

دع الطفل يعبر عن خوفه: السماح للطفل بالتعبير عن خوفه والتأكيد أن الكوابيس ليست حقيقية.  

التحلي بالصبر والاستماع: الاستماع بهدوء إذا أراد الطفل التحدث، دون الضغط عليه.  

يساعد العلاج بالتخيل الاسترجاعي (IRT) في تقليل الكوابيس، من خلال إعادة تخيل نهايات إيجابية أثناء اليقظة.

تدابير وقائية طويلة الأمد وعادات النوم الصحية

عادات النوم الصحية ("نظافة النوم") هي حجر الزاوية للوقاية من الكوابيس واضطرابات النوم الأخرى، وهي تدخل علاجي أساسي.  

تحديد جدول نوم منتظم: جدول نوم منتظم وثابت.  

تهيئة بيئة نوم مريحة: بيئة نوم مظلمة، هادئة، ومريحة.  

تجنب المنبهات قبل النوم: تجنب الكافيين والأطعمة الدسمة أو السكرية والسوائل بكميات كبيرة قبل النوم بـ 4-6 ساعات.  

الحد من التعرض للشاشات: تجنب الشاشات قبل ساعة من النوم، فالضوء الأزرق يقلل الميلاتونين.  

ممارسة أنشطة الاسترخاء: أنشطة استرخاء كالقراءة، الاستحمام الدافئ، اليوغا، أو التأمل.  

إدارة التوتر والقلق: إدارة التوتر والقلق عبر التأمل أو التحدث مع مختص.  

النشاط البدني المنتظم: ممارسة الرياضة بانتظام (تجنب الشديدة قبل النوم).  

التغذية الصحية: التغذية الصحية، مثل الحليب الدافئ أو أطعمة التريبتوفان.  

نصائح خاصة بالأطفال: التأكد من قضاء الحاجة قبل النوم، وتجنب المحتوى المخيف.  

متى يجب استشارة الطبيب؟

رغم أن الكوابيس العرضية طبيعية ، استشر الطبيب في الحالات التالية:  

تكرارها يسبب ضيقًا، نعاسًا مفرطًا، إرهاقًا، أو يؤثر على التركيز والأداء اليومي.  

الخوف من النوم أو ارتباطها بصدمة سابقة/اضطراب ما بعد الصدمة.  

مخاوف بشأن حالات صحية كامنة (جسدية أو عقلية) كالاكتئاب أو القلق.  

أفكار انتحارية (نادرًا).  

يمكن لأخصائي الصحة العقلية تقديم علاجات متخصصة كالعلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج بالتخيل الاسترجاعي (IRT).  

د / كيفية التعامل مع نوبات الذعر الليلي بفعالية:

يتطلب التعامل مع نوبات الذعر الليلي نهجًا مختلفًا عن الكوابيس، نظرًا لحالة عدم الوعي أثناء النوبة.

الإجراءات الفورية أثناء النوبة

لا تحاول إيقاظ الشخص: فذلك يزيد من ضيقه وقد يؤدي لسلوك عدواني. التزم الهدوء وانتظر انتهاء النوبة (عادة بضع دقائق إلى 20 دقيقة).  

لحماية الشخص من الإصابات أثناء الذعر الليلي، يُنصح بتأمين النوافذ والأبواب، وإزالة الأدوات الحادة أو الخطرة. تجنب الأسرّة ذات الطابقين للأطفال المصابين.  

توفير الراحة والدعم الهادئ: احتضان الطفل بلطف وصوت منخفض، مع مراعاة استجابته للمس.  

تدابير وقائية طويلة الأمد

مثل الكوابيس، عادات النوم الصحية حاسمة في الوقاية من الذعر الليلي:

الحصول على قسط كافٍ من النوم: نوم كافٍ ومنتظم، وتبكير وقت النوم أو أخذ قيلولات.  

تبني روتين ليلي هادئ، كقراءة كتاب أو حمام دافئ، يساعد على تهدئة الجسم والعقل والاستعداد لنوم أفضل. تهيئة غرفة نوم مريحة وهادئة.  

تحديد مسببات التوتر ومعالجتها: تحديد ومعالجة مسببات التوتر، والتحدث مع الطفل القلق، أو استشارة أخصائي.  

تجنب المنبهات: تجنب الكافيين والكحول والسكريات قبل النوم.  

مراقبة النمط المتكرر (لبعض الحالات): إذا كانت النوبات تحدث بوقت ثابت، يمكن إيقاظ الطفل بلطف قبل 15 دقيقة من الموعد المعتاد ثم السماح له بالعودة للنوم.  

متى يجب استشارة الطبيب؟

رغم أن الذعر الليلي غالبًا ما يختفي مع تقدم العمر ، استشر الطبيب في الحالات التالية:  

عندما تتكرر النوبات، فإنها قد تُضعف جودة النوم وتؤدي إلى شعور بالإجهاد والتعب خلال النهار.  

النوبات عنيفة وتسبب إصابات للشخص أو للآخرين.  

مخاوف بشأن حالات طبية كامنة كاضطرابات التنفس أو متلازمة تململ الساقين.  

تسبب ضيقًا أو مشكلات في العلاقات/العمل.  

ارتباطها بمشاكل نفسية أو تعاطي الكحول لدى البالغين.  

رغم أن العلاج الدوائي غير شائع، إلا أن بعض الحالات الشديدة قد تستدعي استخدام أدوية مثل مضادات الاكتئاب أو البنزوديازيبينات.  

هـ / خاتمة: نحو نوم هانئ وحياة أفضل:

رغم القلق الذي قد تسببه الكوابيس ونوبات الذعر الليلي، إلا أن فهم مسبباتها واستخدام أساليب مناسبة يساعد على التحكم فيها بفعالية. لقد أوضحنا أن التمييز بينهما ليس مجرد تفصيل، بل هو أساس لتحديد النهج الصحيح، فبينما تتطلب الكوابيس الطمأنة ومعالجة المحتوى الذهني، يحتاج الذعر الليلي إلى ضمان السلامة وعدم التدخل المباشر.

تتضح أهمية النظافة الشاملة للنوم كخط دفاع أول وأساسي، فتنظيم جدول النوم، وتهيئة بيئة مريحة، وتجنب المنبهات، وممارسة الاسترخاء، ليست مجرد نصائح عابرة، بل هي ركائز جوهرية لتحقيق نوم صحي ومستقر للجميع، كبارًا وصغارًا.

 هل لديك استفسار أو رأي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا!

يمكنك إرسال ملاحظاتك أو أسئلتك عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال البريد الإلكتروني الخاص بنا، وسنكون سعداء بالرد عليك في أقرب وقت.


أحدث أقدم

نموذج الاتصال