6 طرق لممارسة الامتنان يومياً لتحسين صحتك النفسية وسعادتك
صحتك النفسية أولاً:
مفتاح السعادة الخفي بين يديك:
تخيل تحولاً بسيطاً، لكنه عميق، يمكن أن يفتح لك أبواباً أوسع لـالسعادة والسلام الداخلي في حياتك اليومية. ماذا لو كان سر الوجود الأكثر إيجابية لا يكمن في نظريات معقدة أو أهداف بعيدة، بل في شيء متاح وسهل مثل كلمة "شكراً" صادقة من القلب؟ تتعمق هذه المقالة في القوة التحويلية لـالامتنان، وهي ممارسة غالباً ما يتم التغاضي عنها، ومع ذلك فقد ثبت علمياً أنها تعيد تشكيل صحتك النفسية وترفع مستوى سعادتك بشكل عام. استعد لاكتشاف ست طرق عملية لنسج الامتنان في نسيج يومك، ممهداً الطريق لحياة مليئة بالرضا والفرح الأعمق.
![]() |
6 طرق لممارسة الامتنان يومياً لتحسين صحتك النفسية وسعادتك |
أ / صحتك النفسية أولاً: لماذا الامتنان ضرورة لا رفاهية؟
إن الامتنان ليس مجرد شعور عابر أو رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هو ممارسة أساسية ذات تأثير عميق وموثق علمياً على الصحة النفسية والجسدية. عندما يلتزم الأفراد بـممارسة الامتنان بانتظام، يتحول تركيزهم من الشكوى والتذمر المستمر إلى تقدير الأشياء الإيجابية في حياتهم، مما يقلل بشكل ملحوظ من مشاعر الانزعاج والتوتر ويحسن المزاج العام. هذا التحول في التوجه يساهم في زيادة الشعور بـ
السعادة والرضا، ويدفع نحو نظرة أكثر إيجابية للحياة.
الامتنان: محفز للمشاعر الإيجابية ومضاد للتوتر
تُظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يمتلكون مستويات أعلى من الامتنان يتمتعون بدرجات أفضل في مقاييس الصحة النفسية والعقلية. تشمل هذه التحسينات انخفاضاً في مستويات الاكتئاب، وزيادة في الرفاهية العامة، وتعزيزاً للدعم الاجتماعي. إن هذه
الممارسة لا تتطلب مجهوداً كبيراً ولا تحتاج إلى تقنية خاصة للتعلم، مما يجعلها أداة عملية ومتاحة للجميع لتحقيق تحسينات فورية ومستدامة في الصحة النفسية والسعادة. إن بساطة دمج الامتنان في الحياة اليومية تجعله حلاً قابلاً للتطبيق على نطاق واسع لتعزيز الرفاهية.
دعوة للتفاعل: بعد أن عرفت هذه الفوائد العلمية والعميقة لـالامتنان، ربما تتساءل: ما هي أول فكرة تخطر ببالك عندما تفكر في ممارسة الامتنان في حياتك اليومية؟ هل سبق لك أن جربت قوة الشكر في تغيير يومك أو نظرتك للحياة؟ شاركنا أفكارك وتصوراتك الأولية حول الامتنان في قسم التعليقات أدناه، ودعنا نبدأ حواراً يثري رحلتنا نحو الصحة النفسية والسعادة.
تأثير الامتنان على كيمياء الدماغ: هرمونات السعادة في خدمتك
على المستوى العصبي، يؤدي الشعور بـالامتنان إلى تنشيط مناطق معينة في الدماغ، مثل القشرة الأمامية البطنية والظهرية الإنسي. ترتبط هذه الأجزاء من الدماغ مباشرة بمشاعر المكافأة، خصوصًا بعد تخفيف التوتر، وبالأخلاق، والعلاقات الإنسانية، والتواصل الاجتماعي الإيجابي، وكذلك بقدرتنا على إدراك أفكار ومشاعر الآخرين. فضلاً عن ذلك، يمتلك
الامتنان القدرة على زيادة إفراز المواد الكيميائية العصبية المهمة التي تبعث على الشعور بـالسعادة، مثل الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين. كل هذه التغيرات الكيميائية الحيوية تساهم في تعزيز الشعور بالتقارب والتواصل و
السعادة التي تصاحب الشعور بـالامتنان. إن ممارسة الامتنان بانتظام تؤدي إلى إعادة توصيل الدماغ، مما يجعله أكثر ميلاً للتركيز على الإيجابيات في العالم بدلاً من السلبيات. هذا التحول ليس طبيعياً للبشر الذين يميلون بطبيعتهم إلى التحيز للسلبية، مما يجعل الامتنان تدريباً فعالاً للدماغ لمواجهة هذا التحيز الفطري.
الامتنان والصحة الجسدية: من القلب إلى الدماغ
لا يقتصر تأثير الامتنان على الدماغ فحسب، بل يمتد ليشمل الصحة الجسدية أيضاً. بيّنت الدراسات أن الامتنان يُخفض من معدل نبضات القلب، ما يدل على أثره المهدئ على الجهاز العصبي. كما يقوي
الامتنان النشاط الدماغي المرتبط بتنظيم الانفعالات، مثل اللوزة الدماغية (Amygdala)، وهي منطقة معروفة بدورها في معالجة المشاعر. هذا التعزيز في القدرة على تنظيم الانفعالات ينعكس إيجاباً على التكيف مع المواقف الصعبة وإعادة تفسيرها من منظور إيجابي. بالإضافة إلى ذلك، يحسن
الامتنان ويعزز النشاط الدماغي المرتبط بالدافعية، وتحديداً في منطقة النواة المتكئة (Nucleus Accumbens)، المسؤولة عن المعالجة المعرفية للدافعية. تنشيط هذه المنطقة الدماغية بصورة إيجابية عند
ممارسة الامتنان بانتظام قد يؤدي إلى الهدوء والسكينة والسلام النفسي الداخلي، وقد يكون له فوائد خاصة للأفراد الذين يعانون من الاكتئاب الشديد.
الامتنان والروابط الاجتماعية: بناء مجتمع أكثر سعادة
يُعد الامتنان دافعاً أخلاقياً قوياً، حيث يدفع الأفراد إلى الاستجابة بطريقة إيجابية نحو من قدم لهم خدمة أو معروفاً. كما أنه بمثابة مكافأة اجتماعية تشجع صانع المعروف على تقديم أشكال أخرى من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية في المستقبل. يساهم هذا الشعور في بناء الصداقات والروابط الاجتماعية الأخرى، حيث يشعر الأفراد بالحب والاهتمام من قبل الآخرين. تشير نظرية التوسع والبناء للمشاعر الإيجابية إلى أن
الامتنان، شأنه شأن الفرح والرضا والحب، يوسع أنماط تفكير الناس، مما يبني موارد شخصية واجتماعية دائمة. إن
للامتنان قوة فريدة تخلق سلسلة من التفاعلات الاجتماعية الإيجابية؛ فكلما شعر الإنسان بالامتنان، زادت رغبته في التصرف بلطف تجاه الآخرين، مما ينشر الأثر الإيجابي في محيطه. مما يشجع مشاعر الامتنان لديهم، وهكذا تستمر دورة جميلة من الامتنان التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
ب / طرق عملية لممارسة الامتنان يومياً:
تأملات يومية بسيطة: اجعل الامتنان جزءاً من روتينك الصباحي والمسائي
من أسهل وسائل ممارسة الامتنان يوميًا أن تربطه بعاداتك اليومية المعتادة، دون الحاجة لاقتطاع وقت خاص لذلك. يمكن للأفراد أن يبدأوا يومهم بـ
يمكن التعبير عن الامتنان أثناء أنشطة بسيطة مثل ترتيب السرير، أو تفريغ الصحون، أو حتى أثناء غسل الوجه صباحًا. الفكرة الأساسية تكمن في التوقف للحظة وتذوق الأشياء التي يشعرون بـ
الامتنان لها عمداً. على سبيل المثال، يمكن التركيز على مذاق القهوة الدافئ في الصباح، أو على أشعة الشمس التي تدخل الغرفة. هذه التأملات البسيطة تحول الأنشطة العادية إلى لحظات من الوعي والتقدير، وتساعد على ترسيخ
الامتنان كعادة طبيعية غير متكلفة. إن دمج
الامتنان في هذه الروتينات الصغيرة يستفيد من مبادئ تكوين العادات، مما يجعل الممارسة مستدامة وأقل عرضة للتوقف بسبب الشعور بضيق الوقت أو الحاجة إلى بذل جهد كبير. هذا النهج العملي يحول الامتنان من مهمة متعمدة إلى جزء مدمج وسهل من الحياة اليومية، مما يزيد من تأثيره على الصحة النفسية والسعادة.
ج / قوة الكلمة المكتوبة: مذكرة الامتنان وجرّة الشكر:
تُعد الكتابة من أقوى طرق الامتنان اليومية لتعزيز الصحة النفسية. يمكن للأفراد البدء بالاحتفاظ بـمذكرة الامتنان بجوار سريرهم، وتدوين ثلاثة أشياء على الأقل يشعرون بـالامتنان لها كل صباح أو مساء. لا يشترط أن تكون هذه الأشياء جديدة كل يوم؛ يمكن تكرار ذكر الصحة، أو وجود أحبائهم، أو حتى تفاصيل بسيطة مثل مذاق قهوتهم. الأهم هو التفكير بعمق في هذه "الهدايا الصغيرة" بدلاً من مجرد تدوينها بسرعة. يمكن أيضاً تضمين الأشخاص في القائمة، والتفكير في كيف كانوا سبباً في شيء إيجابي في حياتهم.
بالإضافة إلى المذكرة، يمكن إنشاء "جرة الامتنان" (جرة الشكر)، حيث يكتب الأفراد ملاحظات صغيرة بما يشعرون بـالامتنان له ويضعونها في الجرة. في نهاية العام، يمكن مراجعة هذه الملاحظات لتذكر كل النعم التي مروا بها، وهي تجربة تُحدث تحولاً إيجابياً في المزاج وتجلب الفرح. تشير الأبحاث إلى أن تدوين الأشياء التي يشعر الأفراد بـ
الامتنان لها يعزز نشاط منطقة في الدماغ مرتبطة بالاكتئاب، مما يبرز الأثر العلاجي للكتابة. إن فعل كتابة
الامتنان يوفر سجلاً ملموساً ومتراكماً للتجارب الإيجابية، مما لا يعزز المشاعر الإيجابية الحالية فحسب، بل يعمل أيضاً كمورد نفسي قوي لمكافحة السلبية المستقبلية وتعزيز المرونة على المدى الطويل.
الامتنان الاجتماعي: بناء جسور المحبة والترابط
تُعد ممارسة الامتنان تجاه الآخرين طريقة فعالة لتعزيز الروابط الاجتماعية وتحسين الصحة النفسية. حين يعبّر الناس عن شكر صادق وعميق، فهم لا يمنحون سعادة للآخر فقط، بل يغذّون مشاعرهم الإيجابية ويقوّون روابطهم الإنسانية أيضًا. لجعل الشكر أكثر تأثيراً، يُنصح بجعله يتضمن ثلاثة عناصر أساسية: أولاً، وصف ما فعله الشخص تحديداً بوضوح. ثانياً، الاعتراف بالجهد أو التضحية التي بذلها الشخص. ثالثاً، شرح كيف استفاد الأفراد من ذلك، مبيّنين الأثر الإيجابي الذي تركه فعلهم عليهم.
الامتنان الحركي: "مشي الامتنان" لوعي أعمق
يُعد "مشي الامتنان" (Gratitude Walk) ممارسة الامتنان بسيطة ومُثمرة تجمع بين النشاط البدني والوعي التأملي لتعزيز الرفاهية الشاملة. يُنصح بتخصيص 20 إلى 30 دقيقة للمشي في الهواء الطلق، ويفضل أن يكون ذلك في الطبيعة بعيداً عن ضجيج العمل. أثناء المشي، يجب محاولة ملاحظة أكبر عدد ممكن من الأشياء الإيجابية المحيطة، مثل المشاهد الجميلة، أو الأصوات المهدئة، أو الروائح المنعشة، أو الأحاسيس الداخلية بالراحة. يُنصح بالاحتفاظ بكل تفصيلة إيجابية في الذهن، وتأمل جمال الحياة المحيطة.
تستهدف هذه الممارسة جوانب متعددة من الرفاهية: العقل (بالتركيز على المشاعر الإيجابية)، والجسد (بالمشي الذي يقلل التوتر)، والقلب (بتعزيز القبول والامتنان)، والروح (بوضع الأمور في منظورها الصحيح). يمكن أن يكون هذا النشاط مثالياً لبدء اليوم بعقلية إيجابية أو لإنهائه بحالة تأملية. لقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يمارسون
الامتنان يتمتعون بصحة بدنية أفضل، بما في ذلك جهاز مناعة أقوى، وانخفاض ضغط الدم، ونوم أفضل، بالإضافة إلى صحة نفسية أعلى تتمثل في مشاعر إيجابية أكثر، وحيوية، وتفاؤل. إن "مشي الامتنان" يمثل نهجاً شمولياً للرفاهية، حيث يبرهن على أن الجمع بين النشاط البدني و
الامتنان الواعي يضخم الفوائد عبر الأبعاد العقلية والجسدية والعاطفية والروحية، مما يجعل الممارسة أكثر تأثيراً وعمقاً من التمارين المنفصلة.
د / الامتنان في مواجهة التحديات: نورٌ في الظلام:
الحياة ليست دائماً خالية من التحديات، ولكن الامتنان يمتلك قوة فريدة لتوفير منظور إيجابي حتى في أحلك الظروف. ففي خضم المشاعر السلبية، يضمن الامتنان أن الأفراد لا يغفلون عن الخير الموجود حولهم. هذه
الممارسة تساعد على تنمية الصبر والتواضع والحكمة، وتُظهر الأبحاث أنها مفيدة بشكل خاص للأشخاص الذين عانوا من صدمات خطيرة، حيث تساعدهم على التكيف وتعزيز رفاهيتهم.
لا يعني الامتنان تجاهل الصعوبات أو إنكارها، بل هو وسيلة لتغذية تركيز أكثر إيجابية، وتعليم الدماغ قضاء المزيد من الوقت في الشعور بالخير ووقت أقل في التمسك بالأشياء السلبية. يعيد الامتنان برمجة الدماغ ليركّز على ما هو إيجابي، دون أن يُهمل التنبه للمخاطر أو التحديات. حتى في الأيام الصعبة، يمكن لـ
ممارسة الامتنان أن تخلق تحولاً في المزاج نحو الأفضل وتجلب الفرح، كما أظهرت تجارب "جرة الامتنان" التي تكشف عن قدرة الامتنان على إحداث هذا التحول حتى في الأوقات العصيبة. إن
يشكل الامتنان أداة فعّالة لإعادة تشكيل منظورنا للأحداث، إذ يسمح لنا بمواجهة التجارب الصعبة مع الاعتراف بها، مع التركيز على ما هو إيجابي، مما يعزز مرونتنا النفسية ويحول دون الوقوع في دوامة الإحباط. نحو السلبية.
الامتنان كنمط حياة: الاستمرارية سر التحول
السر الحقيقي لـممارسة الامتنان وقطف ثماره الكاملة لـالصحة النفسية والسعادة يكمن في الاستمرارية والاتساق. مثل التمرين الرياضي، قد لا يشعر الأفراد بالراحة أو الدفء الفوري في البداية عند بدء هذه
الممارسة، ولكن الفوائد تتراكم في الخلفية وتصبح أكثر وضوحاً بمرور الوقت.
إن الامتنان يبني على نفسه؛ فكلما تمت ممارسة الامتنان بانتظام، كلما تعلم الدماغ أن يتكيف مع الأشياء الإيجابية في العالم، مما يعيد توصيل مساراته العصبية. هذا التحول ليس شيئاً طبيعياً للبشر الذين لديهم "تحيز للسلبية" فطري، لذا فإن
ممارسة الامتنان بانتظام هي تدريب فعال للدماغ لمواجهة هذا التحيز. إن القوة التحويلية لـ
الامتنان على المدى الطويل تكمن في ممارسته المتسقة، مما يؤدي إلى تغيرات عصبية أساسية وإعادة معايرة للتحيزات المعرفية.
هـ / الخاتمة: رحلتك نحو سعادة دائمة:
لقد استعرضنا معاً في هذه المقالة ست طرق لممارسة الامتنان يومياً، بدءاً من التأملات البسيطة وصولاً إلى الامتنان الاجتماعي والحركي، وكيف يمكن لهذه الممارسات أن تحدث تحولاً جذرياً في صحتك النفسية وتغمر حياتك بـالسعادة.
تذكر أن الامتنان ليس مجرد شعور عابر، بل هو قوة علمية قادرة على إعادة تشكيل دماغك، تعزيز علاقاتك، وحتى مساعدتك على تجاوز التحديات. إنه استثمار بسيط بفوائد لا تقدر بثمن، ينمو ويتعمق مع الاستمرارية. إن هذه الخاتمة تتجاوز مجرد التلخيص، لتكون محفزاً يُمكّن القارئ من تطبيق الممارسات التي تعلمها على الفور، وتُعزز الشعور بالرحلة المشتركة والمشاركة المجتمعية حول موضوع الامتنان.
هل لديك استفسار أو رأي؟
يسعدنا دائمًا تواصلك معنا!
يمكنك إرسال ملاحظاتك أو أسئلتك عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال البريد الإلكتروني الخاص بنا، وسنكون سعداء بالرد عليك في أقرب وقت.